BLOGGER TEMPLATES AND TWITTER BACKGROUNDS »

الأحد، ٤ أكتوبر ٢٠٠٩

رجــال الــدين







كان الله في عون علماء الدين في هذه الأيام بعد أن أصبحوا (الحيطة الواطية) فكل من يعلم ولا يعلم أصبح يتهجم عليهم لا لشيْ إلا لأنهم يمثلون الدين وبالتالي المطلوب أن يتصدوا لكل من يتهجم عليه وهم في نفس الوقت عليهم أن يشرحوا هذا الدين للعوام وما أكثرهم ,حيث تجد الكثير من خريجي الجامعات العرب بالكاد يقرؤون الفاتحة والمعوذتين ومنهم من لا يتقن الوضوء ومنهم من لا يصلي أساسا أما اذا أردت الحديث عن الأحكام الفقهية والعقائد والأصول والفروع والعبادات فأعلم أنك لو كلمت أولئك الأشخاص عن اللغة اليونانية أو المجرية لكان أسهل بالنسبة إليهم .هذا الكلام بالنسبة لخريجي الجامعات فما بالك بالآخرين؟!


في الوقت نفسه على عالم الدين أو (رجل الدين) أن يكون بحراً في علوم الشريعة على اتساعها وتشعبها وإذا سأل فعليه أن يجيب في لمح البصر دون تردد أو تلكؤ وعليه أن يراعي التفاصيل و الاختلافات الفقهية وان يكون جاهزاً للرد على أي منها وعليه طبعًا أن يقنع الجاهل والمتعلم ويراعي عقول الجميع على اختلاف قياساتها


على رجل الدين أن يكون دائم البشاشة ولا يغضب مثل باقي البشر كما ان عليه أن لا يدخل أي مكان ليشتري شي من حاجياته ويطلب خصما على السعر أو ما شابه كون البائعين يدعون أنهم لا يربحون من بيعه شيئا بل يبيعون بسعر التكلفة ومجرد بيعهم لرجل الدين بهذا السعر العالي هو فضل ومنة لهم على رجل الدين كونهم يظهرون أنهم يحبونه ويقدرونه


اذا امتلك رجل الدين أو حتى ركب سيارة فارهة أو ارتدى ملابس فاخرة أصبح حسب رأي الناس من طلاب الدنيا ولا يحس بمشاكل الفقراء والمساكين هذا فضلا عن نظرة الشك وقول من أين له هذا ؟واذا كان رجل الدين متواضعا في حياته وملابسه أصبحوا ينظرون إليه وكأنه متسول ومجرد حضوره لأحد الأفراح أو المآتم هو لتناول الطعام فقط لا لشيء آخر


وعلى رجل الدين أن يمشي دون التفات يمينه او يساره فكل خطوة محسوبة وكل نظرة مرصودة ليس ذلك فحسب بل ان ذلك ينسحب على أبنائه وبناته فعليهم أن يتجنبوا أي خطأ مسلكي سواء في مدارسهم أو حياتهم العملية وعليهم أن يكونوا دائما من الأوائل المواظبين على دروسهم فهم أولاد الشيخ الفلاني وعليهم من الالتزامات ما ليس على غيرهم لا لشيء الا لأنهم أبناء (الشيخ)


وإذا أتينا للحكومات فان الوضع أسوأ فالحكومات تنظر إليهم نظرة الشك والريبة مهما كانت تركيبة وانتماء الحكومة وفي أي زمان ومكان لذلك فهي تعد على رجل الدين أنفاسه و فوق ذلك تقدم لخطباء وأئمة المساجد وموظفي الأوقاف رواتب لا تكفي لسد رمقهم والهدف من ذلك هو تجنيد رجل الدين لخدمة مصالح الحكومة وإلا يتم تهميشه وإبعاده


أما اذا سولت له نفسه التمادي في انتقاد سياسة الحكومة فالويل له عليه أن يقضي باقي أيام عمره نزيلاً في سجونهم الفاخرة ذات التعذيب خمس نجوم


لكن ما هي ميزات رجل او عالم الدين مقابل تلك الالتزامات التي لا تطاق قد يحترمه البعض في الشارع والمعاملات لكن على أن يكون كبيرا في السن وقد يقدمه البعض على باقي الوجهاء ليتكلم في المناسبات لكن ليس هناك من يصغي وكأن وجود رجل الدين في تلك المناسبات هو نوع من الفلكلور ليس الا, وقد يتهافت البعض لتزويج بناتهم أو أبنائهم من أولاد وبنات الشيخ متوقعين أن الأبناء نسخة كربونية عن الآباء وأنهم ملائكة هبطت من السماء واذا ثبت خطأ تلك النظرة بعد الزواج فان علينا أن نتخيل ردة الفعل العكسية لأولئك الذين زوجوا أبنائهم أو بناتهم لأبناء وبنات الشيخ.
اذا كان رجل الدين من خطباء الجمعة او العيد فان عليه أن يتوقع أن قسما كبيرا من الحضور الذين ينصتون اليه قد أتوا فقط ليتصيدوا أخطائه وعثراته وليظهروا أنفسهم أن أكثر فهما منهم بعد انتهاء الخطبة والصلاة سواء بمناقشته أو بمناقشة أصدقائهم الذين حضروا الخطبة وكأن هذا الحضور هو لتسجيل النقاط على الخطيب ,هذا بالنسبة للمنصتين للخطبة أما الآخرون فمنهم النائم الذي لم يجد فرصة طوال الأسبوع للنوم الا خلال تلك الربع ساعة او نصف ساعة المخصصة للخطبة ومنهم من هو نصف نائم أو سارح في ملكوت الله دون تركيز مع الخطيب فهو إما باله مشغول بالتجارة أو هموم الأولاد أو الفسحة (النزهة) التي تلي الخطبة ومنهم من يحضر كتأدية واجب ليس الا فيسمع الخطبة من أذن وتخرج من أذن أخرى


طبعا هذا الاحترام الذي يظهره البعض لرجال الدين الذي يصل لدرجة تقبيل اليدين وأحيانا أكثر من ذلك ما هو إلا تمثيلية تنكشف بسرعة عند ظهور أي مشكلة يكون رجل الدين طرفا فيها ,عندها يتحول هذا الرجل الذي تدعي الناس أنها توقره الى متستر بالدين ومدع للمشيخة لا لشيء إلا لأنه يطالب بحقه ولا يرضى أن يتم خداعه أو يتشاطر عليه أحد مستغلا القيود التي كبل بها المجتمع رجل الدين



أما إذا بلغت الحماسة برجل الدين إلى دعوة الناس للتمرد أو حتى للتذمر من الحكومة فعليه أن لا يتوقع وقوف أحد معه من هؤلاء الناس الذين كان باستطاعته التخلي عنهم وركوب موجة الحكام لكن أبت عليه تعاليم دينه التي يريد تطبيقها ذلك وخاطر بنفسه ومستقبل عياله لأجل من لا يستحق


أخيرا لابد من القول أن علماء ورجال الدين يقع عليهم ظلم كبير فهم مطالبون بأن تكون ملائكة تمشي على الأرض مقابل عدم تقدير ونظرة تخلو من الود من مجمعاتهم أو حكوماتهم .وعزاؤهم الوحيد أن أجرهم هو عند من لا يضيع أجر من أحسن عملا